منزل زكريا النور يكتب: في مشاهد يومية مقال بعنوان أحببت محامية

بقلم: منزل زكريا النور سليمان
في زاوية المحكمة ، حيث تختلط أنفاس وتضاريس البشر بتقلبات الحياة وقضاياها المدنية والجنائية والأسرية ، جلست فوق كنب حديدي مهترئ، امسك بيدي منديلاً بالياً كي أمسح به جبيني المتعب وأنفض غبار شعر رأسي المزدخم بعجائب الدنيا السبع بكامل تفاصيلها وأنواعها وصنفوفها ، كأن الزمن قد نقش على وجهي تجاعيد لم تكن فقط أثراً للسنين الجفاء ، ولكنها خريطة واضحة المعالم حكايات معاناة لم تبدأ بعد ولكنها لم تأتي على ما أعتقد ، نظرتي كانت في كل إتجاه لها معنى وفي كل حدث واقع يحكي قصة من الحب وسط ركام دفاتر القضايا مع وقف التنفيذ مقرون بالمادة 11 س .
كنت أنظر إلى الجموع البشرية أصحاب القضايا، وعيوني تتحول بينهم وكأنني أبحث عن شيء مفقود وفجأة ظهرت لي بطلتي ـ بطلة القصة وكأنها هزت النخل وتساقط رطباً مباركة وقتها ، وحين صادفت نظراتها نظراتي شعرتُ وكأنها تريد أن تروي كل ما في قلبها، وكأنها تبحث عني وسط هذا الضجيج الذي ملأ الساحة وكل موقع داخل المحكمة.تبسمت وسرتني في نفسها وقالت بصوت منخفض ذات الطابع الكلاسيكي ممزوج بنوع من المراوغة الإيجابية للحياة العاطفية الصريحة هل تعرف يا بيبي ؟ لقد تحصلت على المفتاح السحري لدخول عوالم ليست مجرد وسيلة للتكسب العاطفي وفوضى الحواس، لم يكن إحساسي هكذا من قبل مجيئك إلى هنا، كنت أحلم وأنا ممسكة بزمام بعض القضايا ، لأنني اؤمن بأن الغد سيكون أجمل بحضورك في تلك الزاوية، واعتقد أن الجهد والتعب سيجلبان لنا أياماً أفضل، لكن الواقع كان أقسى من كل أحلامنا يا عزيزي. تلك كلمات فتاة جسّدت لي قصة مصورة للحياة بأكملها ، حياة تحمل بين طياته أداة صناعة وتجميل واقع جميل ، لكنها لا تزال تحمل في أعماقها قضايا وهموم لم تنتهي ولم تبدأ في نفس الوقت ، قضايا ترفض الصمت وهموم ترفض الهدنة وضغوط لم تعرف طريق الوقوف حتى لو لم تجد وجهة الوصول.المرأة التي كسر قلبها وهي تستمع لصديقاتها وهن يتخلّن عنها، مات الشقف العاطفي في قلبها وهي لا تزال شابة ، وترك لها الفراق العاطفي وفوضى الحواس آثار جانبية عميقة إحدى هذه الآثار تصلح أن تكون ضمن المرجعيات العاطفية والارضية الصلبة التي تقف عليها كل كنوز الحياة لمن يبحث عن السعادة مع وقف التنفيذ.
مرت السنوات والليالي والأيام وتقدم الكثيرون للإرتباط حتى عشقتني رجلاً يمشي على الأرجل ويأكل الطعام ويمارس هوايات الحب نوعاً ما أحياناً.
قبل الدخول إلى مبادئ الحياة ومناقشة أمور المستقبل القريب والبعيد جلسنا سوياً، وقررت لها ألا نأخذ الشوق معنا نكتفي بالحب فقط، وهنا ردت لي بذهول يصحبه دهشة مع رفع مستوى الصوت اللي كان منخفض : كيف تُفرّق بين أخوين ؟ الشوق أخو الحب أيضاً. قلت لها :أنتي اعتني به أنا لا أريده لأنه ضمن الأشياء الشاقة بالنسبة لي خاصة في آناء الليالي الباردة وأطراف النهار الخارقة للوجود البشري السليم، لكن ما لم نعرفه جميعاً في الوقت نفسه هو أن الشوق كان مستيقظاً فينا ويسمع ما كان يتداول بيننا ويبكي بصمت قاتل للوجود ، وفي يوم الفرح الموعود ، تزينت القلوب بالمظهر الأبيض الناصع اللون مثل الذي يسر الناظرين، وأخذتها مع الحب فتركنا الشوق في ركناً قصي ينظر إلى الحب يذهب معنا إلى البيت الأبيض الجديد والجميل.
وأنا غارقٌ في هذه التفاصيل العجيبة سمعت طرقاً عنيفاً على باب غرفتي يقول الطارق :أفتح الباب وإلا حطمناه على رأسك والثاني يقول : أفتححه بكل هدوء لن نصيبك بمكروه فقط نريد جمع خيوط جريمة عبثية لم تكتشف بعد، اختبأت على أحد أركان الغرفة المثيرة للشفقة والتي تذكرني بأيام كانت للحياة طعم ثاني أكسيد الرجولي، وما هي إلا دقائق حتى حطموا باب الغرفة التي أعتز بها وسط أشياء كثيرة لم تكن بالحسبان، ثم قال الأول، لايوجد أحد بداخل هذه الغرفة وبعد طول الحديث بينهما أضاءوا مصباحهم اليدوي على جميع أنحاء الغرفة، ظهرت لهم فجأة مثل الشيء الذي فقده صاحبه في ليلة قمر الرابعة عشر، صدموني حتي سقطت أرضاً، سألني الثاني أين الملفات التي تسلمتها من زوجتك المحامية ؟ قلت له: أي ملفات سيدي ومالبث الأخر يضربني كلما قلت لهم أنتم أخطأتم في الشبه لكموني بشدة دونما رأفة.
قلت لهم أنا لا أعرف عن أي ملفات تتحدثون ، وأخيراً قال لصديقه، هذا ليس من نبحث عنه ومن ثم أستيقظت مرعوباً وقلت اللهم أجعله خيراً.



