رأي

جماعة تسعة طويلة وعصابة النيقرز : استفحال الجريمة والفوضي .بقلم عميد م ابراهيم عقيل مادبو

مع الأحداث- بقلم عميد م ابراهيم عقيل مادبو

المتتبع للأحداث الأخيرة والمتلاحقة بشأن تفاقم ظواهر ما يعرف بتسعة طويلة، وعصابات الِنيقُرز، وإستفحال أعمال الفوضى والتخريب والنهب تحت تهديد السلاح، والتفلتات والخروقات الأمنية المتكررة، وتفشي تجارة المخدرات، يجد أن هناك رابط خفي يوجه الأمور نحو بلوغ نقطة فقدان الثقة بين المواطن والجهات الرسمية وصولاً إلى درجة تفتيت المجتمع وإضعاف الدولة، وهذا يحتم إنتهاج سياسة صارمة، وخطة ومقاربات حاسمة، ونظرية جديدة حيال هذه الأفعال، وجعل مرتكبيها يدركون أن أي مجابهة مع القانون ستكون دائماً “باهظة الثمن” وأنها ستؤدي إلى الخسارة حتماً، وبحيث تصبح هذه النظرية نظاماً متكاملاً في ذاته تعمل من خلاله قوات الشرطة والأمن لتحقيق الهدف المنشود للحد من الظاهرة والذي يعني حمل المتفلتين، وعصابات النهب والنيقرز، والجرائم المنظمة، على الإحجام على القيام بخرق القانون، من خلال إبراز “مخاطر أكبر وزناً من الكسب الذي يجنونه من السرقة والنهب والتفلت حتى ولو إستدعى الأمر مهاجمة هذه العصابات والجناة في قواعدهم وداخل أوكارهم على نطاق واسع، من خلال العمل المتزامن لجميع وحدات الشرطة بمدن العاصمة الثلاث والولايات، وذلك لخلق حالة عقلية لدى المتفلتين والمجرمين، تتمثل في التهديد وإظهار قدرها لذلك لابد من الشرطة الوصول إليهم وجلبهم وإخضاعهم للعدالة والعقاب أمام محاكم طوارئ إيجازية، وكشف ومعرفة من يقف خلفهم ويدعمهم لتحقيق جانب من الاستقرار وهذا يتطلب وجود إرادة سياسية قوية لحفظ أمن البلاد والعباد وتأمين الفترة الإنتقالية، وأن تقوم الشرطة بإعادة العمل بنظام الكبسولات داخل الإحياء مع التركيز على الدوريات المتحركة والإرتكازات الثابتة، وبنظام توزيع جديد يغطي الأحياء غير الآمنة أو التي تتواجد بقربها بؤر التفلت.
وكل الحلول الأمنية السابقة وكل الإجراءات الوقائية والحملات المنعية والكشفية والاطواف الليلية،حققت قدر كبير من الامن لكن نحتاج للمزيد وتعودنا في السودان على العمل بدون منهجية وبمفهوم اقل من الطموح والإستراتيجيات التكتيكات بداية لوضع حد للجريمة والتكتيك وسيلة من وسائل تطبيق الأستراتيجية، وبمعنى أخر يجب أن نعكس الصورة، بحيث ندع التكتيكي يتبع الإستراتيجي لا العكس، فالصحيح هو أن “الإستراتيجية هي التي تختار التكتيكات”، وتوجه تقدم التكتيك لتمكنه من القيام بدوره للوصول إلى النتيجة الحاسمة والمرجوة، وهذا ما نريده ونطمح إليه في أن يتم التطبيق السليم في كل الحالات حتى تلك المرتبطة بأعمال القوات المشتركة لتأمين العاصمة والأقاليم، وبخاصة دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق،فإنتهاج الإستراتيجيات الصحيحة والمداومة علي المبادئ التي تحقق الأهداف.
إن ما يحدث الآن بالسودان هو فوضى ستقود إلى فوضى أشد وكوارث كبيرة، خاصة في ظل الدعوات لتسليح المواطنين والتصدي للمجرمين بأيديهم، ولذلك يجب أن يفكر الجميع بعقلية رجال الدولة، وليس بالعواطف والإندفاع والإنطباعية وردود الأفعال، وعلي الشرطة القيام بمهامها بمعاونة الجيش الأجهزة النظامية الأخري وفق تخويل قانوني وبموجب أوامر عمليات الأمن الداخلي، مع وضع قواعد اشتباك جديدة ومستحدثة تتناسب والموقف الماثل وإذا ثبت أن هناك موانع تحول دون تدخل يتم وضع خطط بديلة وجديدة، ومثال لذلك يمكن اعتبار كل ثمانية أو عشرة أحياء متجاورة كقطاع واحد واختيار عناصر المواطنين في شكل دورية أو في موقع ثابت او أن يكونوا متواجدين داخل مساكنهم ويتحركون عند حدوث أي شئ وبالتنسيق مع الأجهزة النظامية
، أما اذا تركنا الحبل على الغارب بدون تنظيم، فسنشهد مزيد من الفوضى والحوادث، وقد نصل إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها ويصبح حالنا أشبه بوقائع الفيلم الأمريكي (The Purge) وهذا سيؤدي بلا شك إلى فتح الباب أمام الإضطرابات ودخول أصحاب الأجندات السياسية والمصالح المريبة، وإتاحة وتهيئة الفرصة للفوضي ونشوب ما لايحمد عقباه التي ينتظرها أعداء البلاد وما أكثرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى