تحقيقات وحوارات

ما لا يعرفه الإنسان عن مشروع السوكي بولاية سنار وكيف تحول الحلم الي حقيقية وواقع معاش

ما لا تعرفه عن مشروع السوكي وكيف تحول الحلم الي حقيقية

منذ سنوات لأولي مرة يرتفع دخل سوق الجميزة اليومي ل 80%

بعد هجرة الرجال لمناطق التعدين عمالة المرة بالمشروع تشكل 90%

شركاء الإنتاج يلتفون حول المزارعين يوم حصادهم وإدارة المشروع تسجل غيابا معيبا

بعد خوضها صراعات عنيفة مع رافضي التغير مبادرة تأهيل السوكي تنجح في فك قيد التمويل الزراعي و تشغيل قنوات الري

تقرير: سعدية الصديق

مريم ابراهيم أربعينية العمر كانت تحمل بيدها منجلا يستخدم لقص الحشائش، فيما انهمكت صويحاباتها في عمل الاسعافات الاولية لها بعد أن لدغها ثعبان ضخم كان يختبيء بين الحشائش الكثيفة. ومضى الوقت ثقيلا ريثما استعادت مريم الوعي ورويدا اختفت قطرات العرق المتدحر من جبينها بتأثير لدغة الأفعى.

تسرد مريم تفاصيل تجربتها مع العمل بمشروع السوكي الزراعي وتقول إنها مضطرة لانفاق اليوم بكامله حتى تستحق اجرها الزهيد الذي لايتجاوز الستة آلاف جنيها سودانيا أي ما يعادل ستة دولار أمريكي تقريبًا.

مع انحطاط الاجر يعتبر الضامن الوحيد لمريم وأهل بيتها لشراء المتطلبات الضرورية واضحت أسرتها تعتمد عليه كليا عقب هجرة رب الأسرة ضمن الاف الشباب والرجال لمناطق التعدين العشوائي بحثا عن سبل عيش افضل بعد الدمار الذي ضرب الزراعة داخل مشروع. السوكي الزراعي .

مريم ليست وحدها في تحمل عبء النهوض بالمشروع وإعالة أسرتها التي تستضيف اسرتين من نازحو الخرطوم جراء الصراعات الحاليه فهناك نسوة وفتيات كثيرات يقمن بذات الأدوار الشديدة الأهمية. وبحسب الماحي خليفة عبودي رئيس تنظيم متخصص ود اونسة قرية الكناناب أن عمالة النساء داخل المشروع تشكل 90% من حجم القوى العاملة بالموسم الصيفي الحالي ويعزو ارتفاع نسبة النسوة لهجرة الشباب و الرجال بعد توقف انتاجية المشروع كليا ب(3) سنوات الماضية.

أسئلة في بريد مجهول

تبق ثمة سؤال، لماذا فشل مشروع السوكي الزراعي بالسنوات الماضية رغم توفر كل عوامل النجاح من ارض خصبة ومياه ومناخ ، ومزارعين يملكون الخبرة والمعرفة والارادة؟!!

المختصون وقدامى المزارعون بالمشروع يؤكدون ان الإجابة لا تحتاج لكثير عناء فهناك عوامل تسببت في الفشل منها سوء الادارة وتفشي الفساد وعدم اشراك المزارع في العملية الزراعية خاصة إن تدني الإنتاج بدأ منذ 2010م حينما استبدلت طلمبات الري الأساسية باخر أقل كفاءة تزامناً مع توقف التمويل الزراعي علي خلفية مديونية بقيمة 14 مليار جنيه سوداني لصالح البنك الزراعي بنفس العام 2010م بجانب مديونيات أخرى لأحد شركات التعاقد تسببت في تعرض مئات المزارعيبن للسجون والملاحقات القضائية .

ويروي الماحي الخليفة عبودي قصة سجنه ومعه آخرون قائلا تعرضنا للسجن بسبب مديونيات لم نفهم فيها شيئا و مطاردات قضائية انعكست في تدهور الإنتاج وخروج المشروع كليا من الدورة الزراعية الأعوام الماضية

انتصارات رغم التهديدات

ويقول احد مزارعي المشروع أن متلازمة الفشل أجبرت ابناء مزارعي المشروع للتدخل لانقاذ اهلهم وأرضهم، فقادو مبادرة تأهيل مشروع السوكي في سبتمبر 2021م برئاسة الباشمهندس عمر هاشم ، بدأت بالتحرك لتنظيم صفوف المزارعيين عبر تكوين جمعيات رسمية إلا ان الخطوة قوبلت بعقبات وعراقيل اعترضت طريقها وعلى رأسها
صراعات واحتجاجات عنيفة من الفئات التي هيمنت على اراضي المشروع، والتي لم تخف مخاوفها من تولي الشباب زمام امر المشروع ووصلت احتجاجاتهم مكتب مسجل تنظيمات العمل وافضي الامر بتأجيل انعقاد الجمعية لأكثر من اربعة مرات ،ورغم استمرارية الصراعات وتلقي قائد المبادرة تهديدات بالقتل ، إلا أنه نجح ومجموعته في إدخال طلمبات الري للخدمة و فك قيد التمويل الزراعي بالعام
2023 الجاري بواقع 13الف و730جوال سماد للموسم الصيفي.

حينها استيقنو مراقبو العملية الزراعية أن نضالات الشباب لم تذهب أدرج الريح ستلوح يوما بالازدهار وهاهو ليست ببعيد وقف ممثل وزير الزراعة الاتحادي د. صلاح الدين طمبل بجوار رئيس مبادرة تأهيل مشروع السوكي الزراعي وأعلن دخول المشروع دائرة التعافي بانتاجية 100جوال للحواشة الواحدة بمتوسط 12جوال في حوالي 65 ألف من جملة 130الف فدان..

واضاف رئيس مبادرة تأهيل المشروع باشمهندس عمر هاشم معددا كميات المنتج حسب الصنف للموسم الصيفي منها انتاجية 60 الف فدان ذرة و 4 الآف فدان ملوخية و ثلاث الف فدان بامية و4الاف فدان سمسم و أربعة الآف فدان عدس و 500 فدان خضر .
وتابع ممثل وزير الزراعة الاتحادي مؤكدا عودة المشروع بقوة بعد ثلاث سنوات عصاب فيما اقر بقصور الحكومة في تنمية البني التحتية للمشروع و شدد علي ضرورة إنشاء طرق و تفعيل خطوط كهرباء داخل المشروع بغرض تشجيع المستثمرين في وقت اقر بمغادرة 60% للبلاد بسبب عدم تهيئة الطرق المودية للمشاريع الزراعية، ودعا طمبل القطاع الخاص لضرورة دخوله في التمويل الزراعي وأكد تعويل الحكومة علي القطاع الزراعي بالمرحلة القادمة فيما اعترف برفد أحد المحاجر الزراعية لخزينة الدولة 30 بليون جنيها خلال شهرا فقط .

صعوبات رغم الاجتهادت

رغم عودة المشروع لدائرة الإنتاج الا أن ضعف اهتمام الجهات المعنية بالري والبني التحتية خلف مشكلات تأسيسية ل(17) ترعة بالمشروع مما تسبب معاناة في انسياب الري بالترع خمسة وسبعة بقسم ود تكتوك. والترع ،( 12-19-21) بقسم مهلة اضافه لإهدار مياه .

في إطار السعي للحلول والفضاء علي مشاكل العطش مبادرة تأهيل مشروع السوكي الزراعي قدمت لوزارة الري الاتحادي مقترحات منها إنشاء مضرب مياه في القسم الشمالي غرب قرية الكناناب علي بعد 14 كيلو متر فقط للنيل الابيض ، إضافة لإنشاء سدي بداية المشروع عند منطقة جليدات لكن رغم موافقة الوزارة الا أن عامل التمويل مازال يشكل حجر عثرة علي التنفيذ .

غياب معيب لهئية السوكي

سجلت هيئة السوكي الزراعية غيابا ملحوظا رغم التفاف شركاء الإنتاج والمؤسسات الحكومية حول المزارعيين باعياد حصادهم وهذا لم يكون مستبعدا منها بعد تورطها في عمليات فساد مالي واداري قبيل ثلاثة أشهر نشبت خلافات حادة بينهما بسبب رسوم إدارية فرضت علي الفدان ووجه القرار انتقادات حادة وتمسك المزارعيبن بالرفض و تفاقم الامر الي أن وصل وزارة الزراعة وعندها اتخذت اجراءات وزارية بخفض الرسم الاداري، ولم تكون المرة الأولي قبل عامين قامت إدارة هيئة السوكي الزراعية بتعلية فاتورة سماد يوريا بزيادة ثلاث اضعاف سعر الأسمدة الرسمي ووصف الباشمهندس عمر هاشم رئيس مبادرة تأهيل مشروع السوكي الزراعي أن ماحدث من تلاعب في تعلية فاتورة الأسمدة يعتبر فساد خطير فيما كشف عن تحصلهم لخطابات صادرة من البنك الزراعي تحدد اسعار جوال السماد في موسم 2022 بواقع 2500 جنيه لجوال اليوريا و 2650 جنيه لجوال الداب ويشير الي تلاعب تعلية الاسعار اي توزيع السماد بواقع 7156 جنيه للجوال مما ساهم في الأضرار بالعمليةالانتاجية وقطع أن تلاعب فواتير الأسمدة يورط إدارة هيئة مشروع السوكي الزراعي ، ودفع هاشم بمستند اخر يؤكد عمليات تزوير بشهادة تعين الشخص الثالث في إدارة المشروع الجامعية اي مسؤول الإدارة المالية ، وأشار الي تحريك بلاغ جنائي في مواجهة تلك الموظف.

تعافي رغم الاهمال

السؤال الذي يطرح نفسه كيف للحكومة أن تفرط في ثروة زراعية تجاوزت 130 الف فدان لأكثر من ثلاثة عشر عاما لي تصل الي ما وصلت إليه بالأمس حتي بات اللين منها علي اعتاب الموت في ظل مديونيات خاصة بالمشروع بلغت 90 مليار جنيه لم يجد لها المراجع القومي لحكومة السودان اي سند قانوني، إضافة لاختفاء مبالغ مليارية خاصة بسلفيات مزارعي المشروع بحسب تقرير المراجع العام .

مطاالب عاجلة

رئيس تفتيش اولي ود تكتوك قرية الجميزة عثمان ادم يدعو شركاء الإنتاج والدولة إلي ضرورة الالتزام بالتمويل في الوقت المحدد وزاد بالقول الزراعة مواقيت، وحث عثمان المزارعيين علي زيادة الإنتاج والإنتاجية بالموسم الشتوي المقبل وضرورة رفد خزينة الدولة في ظل تعويل الحكومة علي القطاع الزراعي وعبر عثمان عن فرحته بعودة مشروع السوكي لدائرة التعافي بعد انقطاع استمر لثلاث سنوات وقطع بتخطي انتاج الفدان ل 20 جوال ذرة.

انتعاش اكبر اسواق قري المشروع

مايؤكد عودة مشروع السوكي الزراعي لدائرة التعافي حقا انتعاش اكبر اسواق قري المشروع (الجميزة) وزيادة دخلة اليومي بنسبة 80% واكدت جولة داخل السوق عودة الامل والحياة الي طبيعتها مجددا وانتعاش حركتي البيع والشراء بمحلات المواشي والخضر مع تزايد منافسات تجار الحبوب والمحاصيل المختلفة .

بعد هروب اربع مليون رأس من الثروة الحيوانية من (136) قرية داخل المشروع عدد من التجار المواشي يتوقعون عودتها كليا وكشفو عن وصول 15%منها للأسواق والقري مجددا فيما اكد تاجر المواشي بسوق الجميزة على رابح انتعاش سوق الجميزة و تزايد تردد حركة المواطنين وصغار التجار وعزا الأمر إلي عودة مشروع السوكي الزراعي الي دائرة الإنتاج وأشار إلي نزوح اعداد كبير من التجار بالسنوات الماضية مرجعا ذلك لتوقف انتاجية البذور لكنه عاد متفالا بعودتهم مجددا
وقطع بوجود حركة دولة بمختلف الأصناف التجارية بالسوق خاصة المحاصيل والمواشي و الخضروات فضلا عن انعكاس ذلك علي تجار وزراع قري المشروع المختلفة

مشروع السوكي و الأمن الغذائي

الشاهد أن الإنتاج الزراعي يلعب دورا عظيما في زيادة دخل المزارعين وانعكاس ذلك علي الأسواق المحلية بحسب عمر هاشم أن اهمية دخول مشروع السوكي الزراعي دائرة الإنتاج في الأمن الغذائي تنعكس بشكل مباشر علي شرائح واسعة وعريضة ليست للمزارعين في حسب بل علي جميع المجتمعات المرتبطة بالمزارعين خاصة أن قدرة الإنتاج الزراعي علي تحريك عجلة الاقتصاد من عمال و متحركات وأسواق و خدمات ورسوم علي سواء في ظل تنامي وتصاعد معدلات التضخم وفقدان العملة الوطنية ل قيمتها بشكل مضطرد مما يتسبب في انخفاض او فقدان معظم المواطنين العاديين للحد الادني من مصادر الدخل.

احلام وافراح

وتعود مريم ابراهيم ورفيقاتها بالقول بعد انتعاش مشروع السوكي ظللنا نحلم بالزراعة في الموسم الصيفي القادم بحواشاتنا ولم نعد عاملات يومية عند الاخرين، ورفعن امالهن فقط من توفير ضروريات الحياة لتحسين معيشة اطفالهن وأسرهن والاستفادة من التطور في التقانات الزراعية، لزراعة المحاصيل التي ظلت اختفت من المشروع بالسنوات الماضية منها الذرة الفول السوداني والقمح والقطن وجميع انواع الخضر والعدسية
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى