ابراهيم شقلاوي يكتب :موقف السودان من سد النهضة بين الإملاءات الخارجية والاستراتيجية الوطنية.
الخرطوم: ابراهيم شقلاوي
تقتضي حماية الأمن المائي لبلادنا أن تنهض الجهات المعنية من خلال المراكز البحثية المتخصصة في الدراسات وإدارة المياه بتقديم رؤية وطنية إستراتيجية تحدد كيفية الاستفادة من المصادر المائية التي يتمتع بها السودان .. كما يجب ان ينهض المختصون في مجال أبحاث المياه وإدارتها الذين تزخر بهم بلادنا لتقديم رؤية متكاملة حول كيفية إدارة الموارد المائية والاستفادة منها من خلال أحكام السياسات والتوزيع بين الجهات الزراعية والمستهلكين توزيعا عادلا ومتكافئا وتطوير العمل الجماعي الخاص بتوظيف الموارد المائية وترشيدها ذلك للحد من الأزمات المحتملة.. فلابد من وجود برنامج وطني قومي يستهدف المعرفة الدقيقة بالموارد المائية عن طريق أستكمال شبكات الرصد بمختلف أنواعها وأجراء المسوحات الهايدرولجية والقيام بأبحاث حول التخزين الجوفي او التخزين السطحي عبر السدود الكبيرة او سدود حصاد المياه هذا بجانب تطوير مفاهيم التعليم والتدريب والتأهيل وإستخدام أنظمة المعلومات الحديثة كما لابد من وجود رؤية استراتيجية للتعامل مع سد النهضة الإثيوبي وسدودنا السودانية متعددت الأغراض لاستكمال كافة الأهداف من إنشاؤها ..كما نعلم فان سد النهضة الإثيوبي يحدث تغييرا كبيرا وأثرا بالغ علي الوضع المائي في السودان من جميع النواحي التي وقف عليها المختصين السودانيين في مجال المياه .. لذلك لابد من وجود رؤية استراتيجية للتعامل مع هذه المتغيرات التي باتت ظاهرة الوضوح لحماية ثروتنا المائية لانها تمثل أمننا المائي والغذائي في المقام الاول بجانب آمن الطاقة التي يعتمد السودان علي 70٪ منها علي التوليد الكهربائي من السدود .. لابد أن يتصل التفكير في هذه الناحية بين الارتباط الوثيق بين الأمن المائي والغذائي وبين الاستقلال الاقتصادي والسياسي فان دولة لا تستطيع تأمين ثروتها المائية من المخاطر هي دولة عاجزة عن ضمان أمنها الاقتصادي والغذائي وحين تفقد الدولة قدرتها علي تأمين الغذاء ومصادره للمجتمع فإن وجهتها عادة ماتكون هي الالتجاء الي الخارج للاستدانة او طلب المعونات الغذائية وهذا يضعها تحت الضغط و الابتزاز بسبب فقدانها السيطرة علي ثرواتها وهذا بالطبع يعرض قرارها السياسي والسيادي للخطر .. حيث تابعنا خلال الفترة الماضية حديث للحكومة عبر وزير الخارجية بهذا المضمون الذي ظللنا نناشد أهمية وجود الرؤية الاستراتيجية لقفل الباب أمام التدخلات في الشأن الداخلي.. حيث أكد وزير الخارجية السوداني علي الصادق حسب وكالات ( أن السودان ومصر يرفضون مسألة تقسيم المياه.. وأكد أن حل أزمة سد النهضة مرتبط بالمفاوضات بين السودان ومصر وإثيوبيا فقط.. وشدد الصادق في حوار مع صحيفة “الوطن” البحرينية.. على رفضهم أي إملاءات أو أجندات خارجية.. مؤكدا أن الوسطاء لو أصروا على فرض مسألة تقسيم المياه فلن يتم التوصل إلى أي إتفاق ) هذا الحديث الجيد يلغي باعباء كبيرة على المفاوض السوداني في ضرورة وجود رؤية وطنية يتم الإعلان عنها بوضوح لقفل باب الاجتهادات والتدخل في الشأن الداخلي للبلاد.. ان التعامل مع مع مسالة سد النهضة لهو تعامل مع أمننا المائي وذلك لما أصبحت تشكله الثروة المائية من موضوع للصراع المحتمل في المنطقة.. لذلك لابد من الإسراع في الوصول لتفاهمات مع الجانب الإثيوبي قبل الملء الرابع الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي حسب (صحيفة الانتباهة كشفت صورة حديثة التقطتها الأقمار الصناعية استعدادات إثيوبيا للملء الرابع لسد النهضة.. وأوضحت الصورة أن إثيوبيا افتتحت قبل يومين البوابة الغربية للسد.. وتركت البوابة الشرقة لتصريف حوالي 50 مليون متر مكعب من المياه.) (وقال الخبير المصري الدكتور عباس شراقي بحسب العربية نت والحدث نت.. إنه سوف يتم تبادل فتح البوابة الشرقية للسد مع البوابة الغربية حتى قرب انتهاء موسم الفيضان القادم.. مؤكدا أنه من الممكن فتح البوابتين أثناء التخزين الرابع حتى لا يتعرض منسوب النيل الأزرق للانخفاض أو تخرج محطات مياه الشرب عن الخدمة كما حدث في التخزين الأول.
وأشار إلى أن أعمال الخرسانة على الممر الأوسط لم تبدأ بعد، لكن إثيوبيا تعمل الآن على تعلية الممرات الجانبية تمهيدا لتعلية الممر الأوسط.. موضحا أنه من المتوقع الوصول إلى منسوب 620 متر.. وإجمالي تخزين 30 مليار م3.) لقد ظل السودان عند موقفه الداعي لأهمية تكامل الأدوار لتعزيز الفائدة من سد النهضة وقد أعلن ذلك مبكرا بوضوح .. من خلال مجهوداته في تغير مسار التفاوض حول قضية سد النهضة الإثيوبي ومضيه نحو التوافق حين اجتمعت الدول الثلاث السودان ومصر وإثيوبيا في الخرطوم في مباحثات مشتركة حيث خلصت الي صياغة اعلان المبادي الذي وقعت عليه الدول الثلاث في العام 2015.. واعتمد على التعاون علي أساس التفاهم المشترك و المنفعة المشتركة وحسن النوايا وأقر مبدأ المكاسب للجميع وفقا لمبادئ القانون الدولي .. وهذا يعد اكبر مكسب في جانب خفض التوتر بين الجيران ووضع الأمر في المسار الصحيح.عليه يمكننا القول أن الموقف الإثيوبي الذي يمضي حسب خطته المرسومة.. لايبدي قدرا من المرونة الكافية ذلك ربما يقود الي ثلاث أحتمالات.. الاحتمال الاول الحرب في المنطقة بصورة او بأخرى للسيطرة علي مصادر المياه للاستفادة منها في المشروعات الزراعية والإنتاجة .. الاحتمال الثاني ندرة الغذاء والجوع من واقع ما أعلنته المنظمة الدولية من تغيرات مناخية محتملة وفقا للمؤاشرات المعلنة المرتبطة بشح الامطار والجفاف في المنطقة الذي يودي بدوره الي فقدان السيطرة علي مصير الاقتصاد السوداني الذي يعاني من الإنهاك والتراجع وقلة الموارد ..الإحتمال الثالث فقدان الاستقلال السياسي والسيادة الوطنية تحت ضغط المديونيات والاتجاه للدائنين للقبول بشروطهم الغاسية في ظل الحوجة للغذاء .. لذلك نؤكد على أهمية أن نفلح في القيام بأدوارنا كمؤسسات معنية بأمر التخطيط الاستراتيجي والدراسات في النهوض والعمل الجاد.. فإن ذلك يجعل التحوطات والتدابير سليمة وكذلك النتائج مما يبشر بالتنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي والسياسي والنمو الحضاري في مختلف المجالات فإن تأمين الثروة المائية يعني تأمين بلادنا من كل أشكال الابتزاز فكما نعلم ان موقع السودان الجيوسياسي المميز يجعله محط أطماع الطامعين مالم يتقدم الفكر الوطني والمهني الجاد للمحافظة علي هذه المزايا والاستفادة منها في خلق بلد متقدم بموارده وشعبه.. وهذا يجعل موقف السودان من سد النهضة مهما لتجاوز الاملاءات الخارجية من خلال امتلاك استراتيجية وطنية ناجحة وقادرة على الصمود في وجه كافة أشكال الابتزاز ..