بقلم عبدالقادر جاز :السودان ما بين التغذية القبلية…. وجيوب التمرد
تقرير : د.عبد القادر جاز
أفرزت الحرب الدائرة حاليا بالعاصمة السودانية واقعا مغايرا بانتقالها إلى دارفور عبر بوابة مدينة الجنينة من خلال الاقتتال القبلي الذي شهدته تلك المنطقة، أيعني ذلك أن تكتيكات الدعم السريع وحلفائه الدوليين قد جعلتهم يعدلون في خطتهم لتمزيق السودان بالتركيز على الجنينة كبوابة غربية للسودان من واقع ارتباطها بالعديد من الدول الأفريقية في ظل ظروف انشغال الجيش السوداني بتطهير جيوب التمرد بالعاصمة الخرطوم… ما مصير اتفاقية جوبا وتغير المعادلة نتيجة سيناريوهات الحرب المتمركزة في الخرطوم التي انتقلت شرارتها القبلية إلى الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور في ذلك تهديد صريح لوحدة البلاد وإفشال اتفاق جوبا.
توسيع النطاق :
أكد الأستاذ يسن هارون آدم الأمين العام لحركة العدل والمساواة الجديدة منذ بداية الصراع ما بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع تشير كل الدلائل إلى توسيع نطاق الصراع لبقية ولايات السودان، معتبرا ذلك نتاجا طبيعيا لشكل انتشار الدعم السريع في معظم الولايات وحمايته لجميع المراكز الحساسة بالدولة والانتداب من جميع الوحدات الأمنية ما بعد الثورة، مبيناً أن هذا يؤكد على عدم وضع حد للصراع قريبا، وسيطال عددا من المدن الكبرى ناهيك عن الجنينة، كما وضحت الصورة جليا من خلال وجود أطراف دولية من خلال إجلاء رعايا الدول الأجنبية مع بداية الحرب، منوها أن السودان دولة مستهدفة من الدول الصديقة وعلى سبيل المثال: هناك دول تتظاهر بصداقتنا فى الوقت الذي حاول مجلس الأمن الدولي رفع العقوبات رفضت وصوتت على عدم رفع تلك العقوبات.
الطلقة المميتة :
قال يسن إن اتفاق جوبا برعاية حميدتي بحكم منصبه الذي تولاه عقب سقوط نظام البشير واعتماد اللجنة الأمنية لحكومة البشير عليه، التي اعتبرها قد أعطته هذه الشرعية، وهذا الاتفاق ليس له علاقة بحل مشكلة دارفور ومعظم الحركات رفضته ولملمت امتعتها وخرجت من جوبا، مستطردا بطريقه ما أعادهم حميدتي مرة أخرى بشرائهم بإستثناء الحلو و آخرين، مضيفا أنه بالرغم من ذلك استمره القتل في دارفور وانتشر الدعم السريع في كل بقعة، وما زالت عمليات النهب والقتل والسرقة في دار فور حاضرة، جازما بأن اتفاق جوبا وقع لهدف ما لا علاقة له بإيقاف الحرب والأيام كفيلة بكشف الحقيقة وما وراء هذا الصراع، مؤكدا أنه من خلال مجريات الحرب القائمة فإن اتفاق جوبا ميت من أول طلقة ضربت في الخرطوم، موضحا أن تقسيم الاتفاق لمسارات يعني التمهيد لتمرير أجندة تمزيق السودان، ولكن هيهات.
تغيرات المعادلة :
إعتبر يسن أن انتقال الحرب إلى دارفور يعني الخطة (ب) للدعم السريع، واضاف إذا انهزم الدعم السريع في الخرطوم فإن دارفور ليست أرضا خصبة كما يعتقدون باعتبار أنها منطقة خارجة عن السيطرة قبل هذا الصراع، والمواطن الدارفوري مشحون بالكراهية والغضب الشديد تجاه الدعم السريع، مستطردا بقوله: إذا حاول الدعم السريع نقل الحرب لدارفور بعد الهزيمة قد تتغير المعادلة وتجد مقاومة شرسة من أبناء دارفور، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه سيختلف الأمر على ما هو عليه، باعتباره صاحب سلطة بعد ما أصبح متمردا، مرجحا أن تلك القوى لن تجد مجال لتفعل فعلتها التي كانت تمارسها من قبل، باعتبار أن معظم القبائل التي تنحدر منها عبارة عن رحل وليست لهم أرض يمكن يتخذونها ملجأ، مؤكدا أن دارفور ستصبح مقبرة للدعم السريع، فالحرب فيها أصعب من الخرطوم لأنهم يتخذون من المواطنين هناك دروعا بشرية، بينما في دارفور لا يجدون درعا لأن إنسان دارفور يعرف الجنجويد، والدليل واضح في آخر معركة في الجنينة، فالمواطنون علمهم القتال درسا بليغا، مؤكدا أن كل المؤشرات تدل على نهاية آل دقلو بعد فشلهم في الخرطوم واعتماد الأجانب في صفوفهم.
التعددية والمشكلات :
كشف د.عبد العزيز يعقوب الأكاديمي والمهتم بالشأن العام عن أسباب الحرب في السودان ومن ذلك: عدم مخاطبة جذور الأزمة المتمثلة في الهوية التي بموجب ذاك نتج التمايز على اساس العرق واللون وانحياز الدولة لصالح مجموعات معينة، بجانب مجموعات عابرة للحدود، وقال إن أزمة الديمقراطية نجدها سببا لانداع الحرب التي تتمثل في عدم احترام سيادة القانون والفصل في السلطات، مرجح أن التنظيمات التعددية واحدة من المشاكل التي تعاني منها التنظيمات في توجهاتها الجهوية والقبلية والأيديولوجية التي لا تمارس في داخلها الديمقراطية، منبها بأن مشكلات الأزمة الديمقراطية هي التي أفرزت واقع الحرب في السودان.
تعقيدات الوضع :
وصف عبد العزيز الحرب الحالية بأنها حرب عبثية يتحمل وزرها المؤتمر الوطني الذي صنعها لحمايته من انقلابات القوات المسلحة، وتظاهرات القوى المدنية والشعب السوداني، وأبان أن الحرب التي آلت إلى الجنينة دار مساليت هي التي تطال حدود ثلاث دول (تشاد، ليبيا، أفريقيا الوسطى)، معتبرا أن مدينة الجنينة لها علاقة تاريخية ببعض المجموعات الليبية على سبيل المثال: حيث كانت للمناضل عمر المختار علاقات دبلوماسية وتعتبر الجنينة مأوى له، والأسر الليبية لديهم (٢٧) قبيلة مشتركة بينهم وبين الجارة تشاد، وأضاف بقوله: في حالة استيلاء الدعم السريع على هذه المنطقة يمكنه أن يتحصل على الإمداد البشري والمالي واللوجتستي وتنشيط العلاقات الدولية ويصبح حال السودان كحال ليبيا، مرجحا حال فشل تلك المحاولات وتعقد الوضع أكثر أن تكون كارثية.
كسب الوقت:
نفى عبد العزيز قيام دولة عربية بالمنطقة واعتبرها أحلام قديمة مصنعة، وفكرة وجدت ضالتها عندما بدأت الحرب مجموعة الفور في ثمانينيات القرن الماضي ووزعت مناشير باسم قريش (١) ثم قريش (٢) بجانب قيام ميليشيات الجنجويد التي تقوم بالقتل والدمار والسرقة وصعوبة التحكم فيها، مؤكدا أن المشكلة تجعل الدعم السريع غير قادر على السيطرة على المنطقة نتيجة للأذى الذي ألحقه بعض منسوبيه لسكان المنطقة، فضلا عن إصابة الدعم السريع بالرهق لعدم وجود السند الشعبي، مشيرا إلى أن أغلب الذين يلتفون حوله يرتبطون بصلة دم أو مصلحة بعيداً عن العقيدة القتالية، موضحا أن خطتهم البديلة يحاولون تنفيذها من خلال الانتشار الكثيف حول الشوارع دون هدف، مبيناً أنه من خلال هذا الانتشار ربما يفكرون في كسب الوقت لإيجاد فرصة للتفاوض حتى تحفظ لهم بعض الحقوق.